كل يوم يزداد تركيز المواد الضارة في المحيط الحيوي لكوكب الأرض الذي يقطنه ما يزيد عن خمسة مليارات إنسان منهم الطفل ومنهم الكهل ومنهم المرأة الحامل والرضع , ومن هذه المواد الضارة تلك المواد الدقيقة التي تتطاير في الهواء الذي نتنفسه ويعتبر غاز ثاني اكسيد الكربون واكسيد النيتروجين والهيدرو كربونات وكبريتيد الهيدروجين والفلوريد ومخلفات العواصف الرملية والمواد الدقيقة المنبعثة من المصانع كالرصاص والمنجنيز والاسبست والقصدير والمبيدات الحشرية ومخلفات احتراق الفحم والزيت في وحدات التدفئة المنزلية ومحطات الطاقة من العوامل الرئيسة المسببة لهذا النوع من المطر وتعتبر مخلفات صناعة الورقة والتعدين والنفط من الاسباب المساعدة على تكوينه ومن اخطار المسببات ثاني اوكسيد الكبريت ومخلفات الصناعة من ثاني اوكسيد النيتروجين حين تتحد مع ذرات بخار الماء في الجو لانها بدورها تقضي على انواع كاملة من النباتات فعندما تتصاعد هذه الغازات ومجموعة المواد الضارة فأنها تصل الى مستوى السحب وقد تصل الى أعلى وهو الغالب فتقوم هذه الأبخرة بالتفاعل مع قطرات الماء مكونا مطرا حامضيا يلسع الانسان والحيوان والنبات وحتى الجماد كما أشارت بعض المشاهدات على بعض المناطق الأثرية في العالم
وهناك بركان في أوروبا يطلق سنويا ما يقرب من مليوني طن من حامض الكبريتيك سنويا في الهواء
ويفسر الكيميائيون ظاهرة المطر الحمضي بأنها عملية اتحاد غاز ثاني اوكسيد الكبريت في ظروف خاصة بالاوكسجين في الهواء مما ينتج عنه حامضا شديدا وهو حمض الكبريتيك فعندما يسقط المطر محملا بهذا الحمض تتلوث التربة والمسطحات المائية مما يؤدي الى احداث ضرر واضح بكل الكائنات الحية وفي هذه الحالة يصعب على الانسان أن يتخلص منمنه ومن أثره المباشر أو غير المباشر
ويعتقد بعض العلماء وخاصة اولئك الذين يهتمون بالقواعد البيئية في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة أنّ هذا المطر هو الذي أشارت الآية الكريمة في سورة محمد ( وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم ) آية / 15 والى هذا المعنى ذهب كثير من المفسرين من هنا لا يستيع أحد من العلماء والباحثين أن يجزم قطعا بنقاء المياه الساقطة من السحب 100% وخاصة في تلك البيئات الصناعية في كثير من مناطق العالم الصناعي المتقدم
انّ هذا الحصر وذلك التقييد الذي اشار اليه الباحثون في شؤون البيئة يحمل في طياته نوعا من الامل والتفاؤل بوجود بعض المساحات النقية من التلوث المسبب للمطر الحمضي في العالم ففي مساحات شاسعة من شمال شرقي الولايات المتحدة وأوربا الغربية اتضح أنّ مياه الأمطار أمل الانسان والحيوان والنبات وجت مختلطة بأحماض الكبريت والنيتريك والهيدروكلوريك حتى أن درجة الحموضة التي يشار اليها بالمعامل( ph ) في مياه الامطار بلعت حوالي ( 4,47)
وهناك اتجاه يقول : أنّ الاكاسيد النيتروجينية وغاز ثاني اوكسيد الكربون موجودة في الجو قبل أن يتوسع الانسان المعاصر في عمليات التصنيع ونفث سموم الصناعة في الجو , فنقول : أنّ الله سبحانه وتعالى أوجد هذه العناصر التي أشار اليها الاتجاه المشار اليه بدقة متناهية كما هو الحال في طبقة الأوزون مما يؤدي الى التحكم في كمية التفريغ الكهربائي ومدته وتكرار حدوثه وفق تقدير واحكام عظيمين ما زال الانسان عاجزا عن مماثلة ومضاهاة هذا النظام الامر الذي يجعل ماء المطر الساقط من السماء لا يتأثر بتلك الأكاسيد النيتروجينية وبالتالي يتحول الى مطر حامضي يتلف خلايا الانسان والحيوان ويجفف النبات وأوراقه التي تحمل معنى الحياة للانسان والحيوان
فالذي أحدثه الإنسان من أعمال سلبية في الكون كنشر وبث وإطلاق كميات هائلة ورهيبة وقاتلة من الاكاسيد تفوق القدر الموزون الذي أوجده الله سبحانه وتعالى لسلامة الظواهر الجوية وتسخيرها لمنفعة الإنسان لا لمضرته والقضاء عليه
وغالبا ما يحتوي هواء المدن على جزء في المليون من ثاني اوكسيد الكربون الذي يعتبر من أخطر الملوثات الحمضية وذلك في فصل الشتاء عندما تحرق كميات كبيرة من الوقود ولكن قد ينخفض هذه النسبة الى (2 ) جزء في المليون في فصل الصيف ولعل السبب في ذلك هو إقلاع الإنسان عن حرق الوقود بكثرة في فصل الصيف
خطورة المطر الحمضي على النبات
وعن أخطار المطر الحمضي على النبات فأنّ ضرره واضح على النباتات والمحاصيل الزراعية التي يتغذى عليها الانسان والحيوان وتتأثر المحاصيل الزراعية بالمطر الحمضي امّا عن طريق الري بالمجاري المائية الحمضية أو ما يتبقى مباشرة من المصر الحمضي في التربة الذي يغير من تركيبها الكيماوي في اتجاه الحموضة الامر الذي يغيّر نظامها البيولوجي كما تعمل الحموضة الزائدة في التربة على افقار التربة وتقليل معدلاتها الانتاجية اذ تعمل العناصر الحمضية المتراكمة في التربة على ازالة ( الكاثيونات ) – الايونات الموجبة – التي تعتبر القاعدة الاساسية لتغذية النبات بالكالسيوم والبوتاسيوم وغيرها من عناصر لازمة في غذاء النبات ومن جهة ثانية تعمل هذه العناصر الحمضية على تدمير الجذور الرقيقة للمحاصيل والقضاء عليها ومثل هذه الجذور ذات اهمية كبية في تزويد النبات الماء والعناصر الغذائية وعندما تموت سيؤدي ذلك قطعا الى موت النبات وان لم يمت ينمو ضعيفا وهزيلا لا يقدر على البقاء والإثمار
ومن جهة ثالثة يشكل المطر الحمضي خطورة عظيمة على كثير من الاشجار حيث تصاب هذه الاشجار بظاهرة الموت التراجعي اذ تموت الشجرة وهي واقفة . حيث تتلف الاوراق العلوية أولا ثم ينتقل التلف الى الاوراق التحتية حتى يتم القضاء على الشجرة وقد أتلفت الامطار الحمضية في المانيا عام 1980 من مساحة غاباتها حوالي 560 ألف هكتار أي حوالي 77% من مجموع مساحة الغابات الالمانية وفي أوروبا أتلفت الامطارالحمضية على 50% من الغابات وخاصة تلك المحيطة بالمناطق الصناعية
ولا يتوقف تأثير المطر الحمضي على الغابات عند هذا الحد فحسب بل تعدى الى مشكلة أكثر خطورة تتمثل في ظاهرة تعرية التربة وخطر الفيضانات النهرية التي تفاجيء المدن محدثة اضرارا بليغة في الانسان والممتلكات
خطورة المطر الحمضي على الإنسان
وأما أخطار الأمطار الحمضية على الإنسان فانّ الأشخاص الذين يعانون من الحساسية يبدو عليهم الارهاق الشديد للجهاز التنفسي خصوصا عندما يتعرضون للغاز المسبب للمطر الحمضي . فحين يستنشق المريض بهذا المرض الضباب الحمضي عندئذ يعاني من أزمات تنفسية قاسية وانقباضات شعبية مع اختزان المواد الصلبة العالقة المستنشقة فيصبح التنفس مرهقا وغير منتظم ويكون الثر شديدا على الذين يعانون من امراض القلب والجهاز التنفسي .
خطورة المطر الحمضي على الحيوان
ومن الاخطار الناتجة عن هذه النوع من المطر فانه كان ذو تاثير سلبي على الحيوان فقد ادى الى تشويه الاجنة عند بعض الحيوانات التي يتغذى عليها الانسان .وتؤدي هذه الامطار الى تحول الاكاسيد في الهواء او في الماء او التربة الزراعية الى احماض النيتروز واحماض النيتريك واذا بقيت معلقة في الهواء على هيئة رذاذ خفيف فانها تؤدي الى تهيجات في الانف والعينين وتقلصات في الشعب الهوائية وقد تبين ان الامطار الحمضية تتلف المعادن والاسمنت المكشوف في المباني والتماثيل والمركبات والسيارات مما اضطر المسؤولون عن المتاحف والمكتبات في المدن التي يكثر فيها الضباب الحمضي ااضطروا الى ترشيح هواءها من أجل حماية المقتنيات النفيسة ومجلدات الكتب من آثار الأحماض الكبريتية
مواجهة آثار المطر الحمضي
وللتخفيف من حدة وآثار هذا المطر الحمضي فلابد من اتخاذ الخطوات والاجراءات الاحتياطية الكفيلة بمواجهة هذا التلوث الذي يعاني منه قطاع واسع من بني البشر في العالم :
أولا: وضعت وكالة حماية البيئة الأمريكية مواصفات خاصة بتركيز الجسيمات الدقيقة وغاز ثاني أوكسيد الكبريت بحيث لا تزيد النسبة في الهواء الجوي عن ( 150 – 365 ) ميكروغراما في المتر المكعب في اليوم الواحد على التوالي
ثانيا : تقليل نواتج الاحتراق فعند حرق أي نوع من أنواع الوقود وغيرها سواء أكان ذلك في أغراض الصناعة أم توليد الطاقة أم الانشاءات أم أية أغراض تجارية أن يكون الدخان والغازات والابخرة الناتجة في الحدود المسموح بها ولا بد من تقليل كمية الملوثات في نواتج الاحتراق ولتحقيق ذلك يجب حظر الحرق المكشوف الذي لا تتوافر فيه التصميمات السليمة لضمان الاحتراق الكامل وتصريف العوادم من خلال مداخن ذات كفاءة عالية وطبقا للمواصفات الهندسية المناسبة
ثالثا : تصميم المواقد بحيث تحدث مزجا كاملا لكمية الهواء الكافية للحرق الكامل وتوزيع درجات الحرارة واعطاء الزمن الكافي والتقليب الذي يضمن حرقا كاملا الامر الذي يحول دون انبعاث نواتج احتراق غير كامل بحيث لا يزيد ما ينبعث من الملوثات عن الحد المسموح به وهي (250) ملغم / م3 في المناطق العمرانية و (500) ملغم / م3 في المناطق البعيدة لذا يحظر استخدام مادة الفحم الحجري في المناطق الحضرية وبالقرب من المناطق السكنية وكذلك يحظر استخدام المازوت والمنتجات النفطية الثقيلة والنفط الخام
رابعا : يجب الانتباه الى نسبة الكبريت المستعمل بالوقود في المناطق الماهولة بالتجمعات السكانية وخاصة المناطق الحضرية التي تتواجد فيها كثافات سكانية عالية بحيث لا تزيد نسبة الكبريت على 1.5% ولتلافي هذا الخطر يرى بعض مهندسي البيئة ضرورة تشييد مداخن مرتفعة بالقدر الكافي اللازمة لانبعاث الغازات المحتوية على ثاني اوكسيد الكبريت حتى يتم تخفيفها وتقليصها قبل وصولها الى سطح الارض
خامسا : استخدام الوقود المحتوي على نسب مرتفعة من الكبريت في محطات القوى والصناعة بعيدا عن التجمعات السكانية والعمران مع مراعاة العوامل الجوية والمسافات الكافية لعدم وصول هذه الانبعاثات الى المناطق السكانية المأهولة بالسكان والمناطق الزراعية والمجاري المائية ويشترط في المداخن التي ينبعث من خلالها اجمالي عادم يترواح ما بين ( 7000-15000 ) كغم في الساعة أن يكون ارتفاعها ما بين (25 – 36 ) مترا اما اذا زادت الكمية عن ( 15000) كغم في الساعة فيجب أن يكون ارتفاعها لا يقل عن (90) مترا أما المداخن التي تخدم أماكن عامة كالمكاتب والمطاعم والفنادق والأغراض التجارية يجب ألا يقل عن (6) أمتار عن حافة المبنى مع العمل على ارتفاع ساعة ترسيب الغاز مع المدخنة